الاثنين، 10 أغسطس 2015

نظام العد عند قدماء العرب

أنظمة العد في الحضارات القديمة
نظام العد العربي القديم
عرف العرب قبل الإسلام نظام العدد واستخدموا في ذلك الحصى والعيدان وقد ترك ذلك أثرا لغويا في العربية وهو الإحصاء وهي من الحصى. ولقد كانت حساباتهم في هذا بسيطة لأنهم كانوا في هذا يتعاملون بألفاظ تعبر عن العدد تقريبا فذكروا البعض، والفئة، والنيف، والعقد وغيرها من المسميات. وكان لموقع بلاد العرب المتوسط بين حضارات الشرق وحضارات حوض البحر المتوسط والغرب أثر بالغ في دورهم الحضاري القديم وأدى إلى نشاط تجاري كبير سيطر فيه العرب على التجارة العالمية وقتها، واستوجب ذلك معرفتهم بمبادئ الحساب وتدوين الأرقام المرتبطة بالأعمال التجارية كحساب الأرباح والمكاييل والموازيين. واستعمل العرب في ذلك حروف الهجاء للدلالة على الأعداد، واستخدموا الحروف الأولى لكلمات الأعداد في كتابة الأعداد نفسها، فحرف (خ) يدل على الخمسة، وحرف (ع) يدل على العشرة، وحرف (م) يدل على المائة وهـكذا، ثم وسع العرب هذا النظام وطوروه بأن وضعوا الأرقام على ترتيب حروف اللغة العربية، وكان هذا النظام معمولا به في عدد من الأمم القديمة.
ظل العرب يستخدمون الترقيم الأبجدي ـ رغم صعوبته ـ إلى أن طوروا نظام الترقيم الهندي. ويعرف نظام الترقيم العربي القديم باسم حساب أبجد أو حساب الجمل، وفيه يرمز كل حرف إلى رقم خاص يدل عليه، وكان هناك بعض الفر وق في ترتيب حروف الهجاء ودلالاتها الرقمية بين أهل المشرق العربي وأهل المغرب العربي، ورتب أهل المشرق الحروف على النحو التالي:
أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثقذ ضظغ
أما أهل المغرب فقد رتبوا الحروف على النحو التالي:
أبجد هوز حطي كلمن صعفض، قرست، ثخذ ظغش.
والجدول التالي يبين ترتيب الحروف ودلالتها الرقمية عند أهل المشرق:

ا
1
ح
8
س
60
ت
400
ب
2
ط
9
ع
70
ث
500
ج
3
ي
10
ف
80
خ
600
د
4
ك
20
ص
90
ذ
700
ه
5
ل
30
ق
100
ض
800
و
6
م
40
ر
200
ظ
900
ز
7
ن
50
ش
300
غ
1000


       
وهكذا فإنه يمكن كتابة أي رقم- سواء بـالنظام الشرقي أو الغربيبغير حدود، ورغم ذلك فإن هذا الترقيم مثله مثل الترقيم اليوناني لا يساعد على إجراء العمليات الحسابية، كما أنه ليس تنازليا، وقد تركه العرب لصعوبته واستبدلوا به نظام الترقيم العشري الذي طوروه عن الهنود.
وتعود قصة الأرقام العربية عند المسلمين إلى عام 154هـ / 771 م عندما وفد إلى بلاط الخليفة العباسي المنصور فلكي هندي، ومعه كتاب مشهور في الفلك والرياضيات هو سدهانتا لمؤلفه براهما جوبتا الذي وضعه في حوالي عام 6هـ / 628 م واستخدم فيه الأرقام التسعة والصفر كرقم عاشر. وقد أمر المنصور بترجمة الكتاب إلى اللغة العربية، وبأن يؤلف كتاب على نهجه يشرح للعرب سير الكواكب، وعهد بهذا العمل إلى الفلكي محمد بن إبراهيم الفزاري، الذي ألف على نهجه كتابا أسماه السند هند الكبير واللفظة "سند هند" تعني باللغة الهندية (السنسكريتية) "الخلود".  وقد أخذ العرب بهذا الكتاب حتى عصر الخليفة المأمون. وفي عام 198هـ / 813 م استخدم الخوارزمي الأرقام الهندية في الأزياج، ثم نشر في عام 210هـ / 825 م رسالة تعرف في اللاتينية باسم Algoritmi de numero Indorum "أي الخوارزمي عن الأرقام الهندية". وما لبث لفظ الجورثم أو الجورسم أن أصبح معناه في أوروبا في العصور الوسطى طريقة حسابية تقوم على النظام العشري. وعرفت هذه الأرقام أيضا بالأرقام الخوارزمية نسبة إلى الخوارزمي. ومن هذا الكتاب عرف المسلمون حساب الهنود، وأخذوا عنه نظام الترقيم، إذ وجدوه أفضل من حساب الجمل أو حساب أبجد المعمول به عندهم.
وكان لدى الهنود أشكال متعددة للأرقام، اختار العرب مجموعة منها وهذبوها وكونوا منها مجموعتين من الأرقام. وقد عرف الأول باسم الأرقام الهندية واستعمله العرب في المشرق العربي، وعرف الثاني باسم الأرقام العربية واستعمله العرب في أسبانيا والمغرب العربي. أما الطريقة المشرقية التي استعملها عرب بغداد فقد تطورت قليلا حتى أصبحت الأرقام التي تستعمل الآن في مصر والعراق ولبنان وبلاد العرب. وهي على الشكل التالي:

       وتعرف الأرقام العربية كذلك بالأرقام الغبارية. وسميت هذه الأرقام بالغبارية لأنها كانت تكتب في بادئ الأمر بالإصبع أو بقلم من البوص على لوح أو منضدة مغطاة بطبقة رقيقة من الترابوهي التي انتشر استعمالها في شمال أفريقيا والأندلس ودخلت إلى أوروبا عن طريق الأندلس ومن خلال المعاملات التجارية والرحلات بين الشرق والغرب، فقد وفد إلى بلاط الخلفاء العباسيين في بغداد أيام هارون الرشيد والمأمون سيل من الرحالة والزوار الذين قدموا إلى تلك المدينة العالمية من جهات نائية، وأشاعوا جوا عالميا فيها.
وتتميز الأرقام العربية (الغبارية) أنها مرتبة على أساس عدد الزوايا التي يضمها كل رقم، فالرقم واحد يتضمن زاوية واحدة، ورقم اثنان يتضمن زاويتين، والرقم ثلاثة يتضمن ثلاث زوايا - إلخ كما بالشكل التالي:



     
ثم دخل بعض التعديل على هذه الأشكال فأصبحت بالشكل المعروف.
1 2 3 4 5 6 7 8 9 
وأما سلسلة الأرقام الأخرى (الهندية) فتستخدم في أغلب الدول العربية والإسلامية، وقد حورها العرب من أشكال هندية عديدة، وقد خضعت الأشكال الدالة على الحروف إلى سلسلة من التعديلات عبر القرون حتى ظهرت الطباعة في القرن الخامس عشر فطبعت الأرقام بأشكالها الحالية تقريبا ومن ثم لم تتعرض هذه الأشكال لتغيرات كبيرة منذ ذلك التاريخ

للعودة للصفحة الرئيسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق